آخر التحقيقات

3 "تعويمات" وما زال يغرق.. لماذا تستمر قيمة الجنيه في الانخفاض؟

Mar. 21, 2023 - اقتصاد
3 "تعويمات" وما زال يغرق.. لماذا تستمر قيمة الجنيه في الانخفاض؟
الإدعاء

- منذ بداية مارس الجاري 2023، توقعت بنوك ومؤسسات دولية وتقارير صحفية تحريك سعر الصرف مجددًا، بالتزامن مع رصد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري في السوق السوداء، واستمرار ارتفاعه ببطئ في البنوك.

نتيجة التحري
➖ نحاول في السطور القادمة شرح خلفية أزمة الجنيه، و تقديم إجابة لأسباب استمرار انخفاض قيمته: ⬇️⬇️
❓ماذا حدث للجنيه؟
◾منذ مارس 2022، انخفضت قيمة الجنيه بنحو 50%. ارتفع سعر الدولار من 15.77 جنيهًا في مطلع مارس 2022 إلى 31 جنيه تقريبًا حاليًا.
◾لدى مصر عجز مزمن في ميزان المدفوعات، حيث قيمة وارداتها أكبر مما تستطيع توفيره من النقد الأجنبي، لذلك كانت تلجأ إلى الاقتراض من الخارج لسد الفجوة المالية.
◾مع الغزو الروسي لأوكرانيا، ومخاوف المستثمرين من تفاقم الصراع بالإضافة إلى قيام البنك الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأوروبية برفع الفائدة إلى مستويات تاريخية، خرج من مصر 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية "الأموال الساخنة"، بحسب تصريحات وزير المالية الدكتور محمد معيط. 
◾الخروج المفاجئ للأموال الساخنة التي كانت تعتمد عليها الحكومة في سد الفجوة الدولارية، أدى إلى نقص النقد الأجنبي في البلاد، وتراجع قدرة البنوك على توفير احتياجات عملائها من العملة الصعبة. نتج عن ذلك أزمة كبيرة في الاستيراد، وظهور سوق سوداء لتدبير العملة.
❓ما هي خطة مصر وصندوق النقد الدولي؟
◾مع تأزم الوضع الاقتصادي، لجأت مصر للاقتراض مجددًا من صندوق النقد الدولي مع برنامج للإصلاح الاقتصادي. وبعد مفاوضات صعبة، وافق الصندوق، في ديسمبر 2022، على منح مصر قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار "فضلًا عن خمسة مليارات دولار تعهدت منظمات متعددة الأطراف وشركاء إقليميين بتقديمها خلال العام المالي الحالي 2022-2023". 
➖ أبرز بنود خطة قرض مصر من الصندوق هي:
◾بيع مصر ما قيمته 8.4 مليار دولار من أصولها إلى مستثمرين أجانب، وبشكل خاص دول الخليج، خلال الفترة بين العامين الماليين 2023/2022 و 2025/2024.
◾موافقة الحكومة على التحول لنظام سعر صرف مرن، لكنه مقترن بإمكانية تدخل البنك المركزي لضبط سعر الصرف في حالة "التقلب المفرط في أسعار الصرف".
◾الحد من دور الدولة في الاقتصاد، بما فيه التخارج من شركات قطاع عام، والشركات المملوكة للجيش.
- وترى الحكومة من جانبها أن خطة صندوق النقد ستساعدها في سد الفجوة المالية المُقدرة بـ 17 مليار دولار خلال الـ 4 سنوات القادمة.
❓هل نجحت الخطة؟
◾ملامح نجاح الخطة لم تظهر حتى الآن. بدأت الحكومة بالتزامن مع اتفاقها مع صندوق النقد في تنفيذ الإفراجات الجمركية للبضائع المحتجزة في الموانئ في ديسمبر 2022، وأفرجت عن بضائع قيمتها نحو 14 مليار دولار.
◾لكن رغم الاتفاق على القرض، والقيام بـ 3 عمليات لتحريك سعر الصرف، وإلغاء نظام الاعتمادات المستندية الذي قيّد عمليات الاستيراد، ظهرت شكاوى للمستوردين مجددًا في فبراير 2023 من عدم قدرة الحكومة على توفير العملة الصعبة، لتنفيذ المزيد من عمليات الإفراج والاستيراد.
◾على سبيل المثال: نائب رئيس المجلس التصديري للطباعة والتغليف والورق أحمد جابر صرّح لـ"مدى مصر": إن "الانفراجة في أزمة الإفراجات الجمركية استمرت أسبوعين أو ثلاثة فقط مع بداية مرحلة تحرير سعر الجنيه الجديدة، لكنها لم تكن على قدر ما كان السوق يحتاج".
◾الأزمة كادت تصل إلى السلع الاستراتيجية، إذ أفرجت الموانئ المصرية عن شحنات قمح لصالح هيئة السلع التموينية ومصنع "سايلو فودز" -المملوك لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية-، في نهاية فبراير 2023، دون إنهاء الأوراق الرسمية المطلوبة، بسبب عدم وجود إتاحات دولارية كافية لدى البنوك.
❓لماذا تستمر قيمة الجنيه في الانخفاض؟
◾توقعت عدد من البنوك العالمية منذ بداية مارس الجاري 2023، مثل "HSBC" و"كريدي سويس" و"بي إن بي باربيا" و"إم يو إف جي"، حدوث انخفاض جديد (تعويم) لسعر الجنيه مقابل الدولار. التوقعات تدور حول سعر 35 جنيهًا للدولار.
◾تتزامن توقعات البنوك مع رصد تقارير صحفية مختلفة، تخطي سعر الدولار في السوق الموازي 35 جنيه.
◾وصل سعر الدولار اليوم الثلاثاء، 21 مارس 2023، في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لـ 12 شهرًا، إلى 40.25 جنيهًا للدولار.
◾والعقود الآجلة هي "اتفاق بين طرفين على بيع أو شراء منتج أو أصل، يتم فيه الاتفاق على السعر اليوم، والتنفيذ في وقت لاحق". ويستخدمها المستثمرون والشركات كأداة تحوط ضد مخاطر تقلب سعر الصرف.
🔲 يرجع استمرار انخفاض الجنيه ونقص العملة الأجنبية والتوقع بمزيد من تحريك سعر الصرف، إلى 3 أسباب رئيسية:
1- عقبات في طريق برنامج الطروحات الحكومية:
◾أعلنت الحكومة عن برنامج للطروحات الحكومية، يسمح ببيع أصول في 32 شركة عامة، ويستهدف دول الخليج تحديدًا، للمساهمة في توفير موارد دولارية.
◾لكن اختلفت مصر مع بعض الدول الخليجية في آلية تقييم الصفقات وقيمتها. كان من المفترض أن يستحوذ الصندوق السيادي السعودي على المصرف المتحد، لكن لم تتوصل الحكومة المصرية والسعودية على اتفاق، بسبب انخفاض قيمة الجنيه.
◾يرغب الصندوق السعودي في تقييمه بالجنيه ثم دفع القيمة بالدولار، لكن مصر ترغب في تقييمه بالدولار من البداية، ما "يعكس رؤية الصندوق السعودي أن الجنيه المصري سيشهد انخفاضًا آخر في سعره أمام الدولار"، بحسب تصريحات محلل مالي بأحد بنوك الاستثمار لـ"مدى مصر".
◾أيضًا تعطلت صفقة بيع جزء من حصة المصرية للاتصالات في فودافون مصر لجهاز قطر للاستثمارات، إذ رَغب الجهاز في الاستحواذ على كامل حصة المصرية للاتصالات التي تبلغ 45% فيما أرادت مصر بيع 25% فقط، وأيضًا حدث خلاف حول قيمة الصفقة، حيث أرادت مصر أن تكون مرتفعة عن التقييم السابق لفودافون مصر الذي بلغ 1.9 مليار دولار.
◾فشلت كذلك شركة أدنوك الإماراتية في الاستحواذ على محطات وقود وطنية المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، واشترت بدلًا منها 50% من حصة "توتال إنرجيز إيجيبت" الفرنسية.
2- عدم تدخل البنك المركزي:
◾استند بنك سوسيتيه جنرال في توقعاته لانخفاض الجنيه على عدم مساندة البنك المركزي للجنيه من خلال ضخ عملة أجنبية في الأسواق من الأموال التي ستأتي من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية، مفضلًا تدعيم الاحتياطي النقدي.
◾وظهر ذلك في ارتفاع الاحتياطي النقدي مؤخرًا، إذ وصل في فبراير 2023 إلى 34.352 مليار دولار بزيادة 128 مليون دولار عن يناير 2023.
3- عدم تطور الموارد الدولارية المختلفة:
◾رغم ارتفاع إيرادات السياحة في الفترة الماضية إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا، لكن بنك كريدي سويس أرجع السبب إلى ارتفاع أسعار الفنادق بالتزامن مع استضافة مصر لقمة المناخ 27، ومن المتوقع انخفاض الأسعار مجددًا.
◾تعطلت أيضًا بعض الخطط الحكومية البديلة لتوفير العملة الصعبة، مثل مبادرة إتاحة استيراد المصريين بالخارج لسياراتهم وإدخالها مصر، وذلك مقابل إيداع قيمة الضريبة الجمركية ورسوم الاستيراد لمدة خمس سنوات ثم استعادتها بما يوازي قيمتها بالعملة المحلية فيما بعد.
◾حصيلة المبادرة كانت مخيبة للآمال، إذ لم تجنِ سوى 202 مليون دولار حسبما أعلن وزير المالية د.محمد معيط في 23 فبراير 2023، فيما كانت تستهدف الحكومة جمع 2.5 مليار دولار من ورائها.

آخر التحقيقات