آخر التحقيقات

اعرف


➖ في التقرير التالي يرصد فريق #متصدقش، كيف انخفضت أجور المصريين العاملين في دول الخليج، بالتزامن مع الازمة الاقتصادية وانخفاض قيمة الجنية المصري المستمرة منذ عام 2016.⬇️⬇️


أجور منخفضة وشروط مجحفة.. "قلة قيمة الجنيه" تُطارد مصريين في الخليج

Nov. 28, 2024 - اجتماعي
أجور منخفضة وشروط مجحفة.. "قلة قيمة الجنيه" تُطارد مصريين في الخليج
نتيجة التحري

📌 في 2023، كان أنس يجوب شركات توظيف العمالة المصرية في الخليج بالإسكندرية، بحثًا عن فرصة للعمل في الخارج لتحسين ظروفه المادية. 

◾ "فوجئت الرواتب من 2000 لـ 2500 ريال سعودي! هاكل واشرب وابعت لأهلي فلوس إزاي بالمبلغ ده؟"، سأل أنس مستنكرًا الموظفين الذين التقوه، وكانت الإجابة: "غيرك يتمنى، إنت مش عارف دول كام مصري؟ ده في ناس بتقبل بـ 1500".

◾ العرض المادي الضعيف الذي تلقاه "أنس"،  الحاصل بكالوريوس في الإعلام وخبرة 7 سنوات في التسويق، لم يكن هو الحال في السابق، وفق أحمد علي، الموظف بقسم الموارد البشرية بإحدى شركات الإعلانات والمطبوعات في مدينة جدة السعودية.

◾ يوضح علي: "قبل سنوات قليلة، كانت متوسطات أجور المصريين العاملين في شركتنا تتراوح بين 3 إلى 7 آلاف ريال، حسب نوع الوظيفة والخبرة. أما الآن، فقد تراجعت الأجور لنفس الوظائف، لتبدأ من 1800 ريال وتصل في الحد الأقصى إلى حوالي 3000 ريال فقط". 

➖ في التقرير التالي يرصد فريق #متصدقش، كيف انخفضت أجور المصريين العاملين في دول الخليج، بالتزامن مع الازمة الاقتصادية وانخفاض قيمة الجنية المصري المستمرة منذ عام 2016.⬇️⬇️

⭕ العمل في مصر.. جري في المكان

◾ وفقًا لشهادات العديد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى "متصدقش"، فإن الأسباب التي دفعتهم للبحث عن العمل بالخارج، حتى لو بأجور منخفضة، ترجع بشكل أساسي إلى عدم كفاية الأجور التي يتقاضونها في وظائفهم السابقة في مصر لتلبية احتياجاتهم المعيشية.

◾ وشهدت مصر موجات كبيرة من التضخم خلال العامين والنصف الماضيين، كما تراجع سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية 4 مرات، ما أدى لتراجع قيمته بشكل كبير. 

◾ قبل الأزمة الاقتصادية، كان متوسط سعر الريال السعودي والدرهم الإماراتي، وجهة العمالة المصرية الرئيسية في الخليج، يساوي 4.25 جنيه مصري، فيما يبلغ متوسط السعر حاليًا 13.4 جنيه، ما يعكس تدهورًا حادًا للعملة.

◾ أحمد عبد الله، 28 سنة، من محافظة المنيا، خريج كلية التجارة، كان يعمل في وظيفتين، الأولى في البريد المصري براتب 2500 جنيه، والثانية في بقالة بقريته براتب 1500 جنيه، لكن هذا الراتب لم يكن كافيًا لاحتياجاته، ما دفعه للسفر إلى السعودية.

◾ يقول "أحمد" إنه يعمل محاسب في شركة مقابل 2000 ريال، ورغم أن الراتب منخفض إلا أنه أفضل من مصر، فبعد تقليص نفقاته إلى الحد الأدنى، يُرسل نحو 1200 ريال شهريًا إلى أسرته، أي ما يعادل حوالي 15800 جنيه مصري. يضيف: "توفير ذلك المبلغ شهريًا كان مستحيلًا لو بقيت في مصر".

◾ نفس الحال بالنسبة لمحمد بدير، البالغ من العمر 31 عامًا، إذ كان يعمل بأحد مصانع الملابس براتب 4000 جنيه، وهو الراتب الذي تضاءلت قيمته في ظل التضخم وتراجع قيمة الجنيه، ما اضطره للسفر إلى السعودية والعمل براتب 2000 ريال.

◾ رغم تواضع هذا الراتب مقابل العمل وما يحتمله من غربة، فإنه يتمكن من إرسال حوالي 1000 ريال شهريًا إلى أسرته، وهو مبلغ يغطي احتياجاتهم الأساسية.

⭕ رحلة شاقة للحصول على وظيفة

◾ الأجور المنخفضة ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه المتقدمين للعمل في دول الخليج، بل إن الحصول على الوظيفة نفسها عملية شاقة ومليئة بالصعوبات، بالإضافة إلى الشروط المجحفة التي يتم فرضها استغلالًا لحاجة المصريين. 

◾ محمد سامي، 24 سنة، يقول إنه خلال العام الأخير سافر إلى الإمارات 3 مرات بتأشيرة سياحية مدتها 60 يومًا، تكلفتها 1000 درهم لكل مرة. في المرتين الأوليين، انتهت صلاحية تأشيرته دون أن يتمكن من العثور على وظيفة، ما اضطره للعودة إلى مصر.

◾ في المحاولة الثالثة، تمكن "سامي" من الحصول على وظيفة خدمة عملاء في إحدى الشركات، لكنه ما زال ينتظر موافقة صاحب العمل لتعيينه بشكل قانوني ومنحه الإقامة.

◾ يوضح "سامي" أنه ليس وحده من اتبع هذا المسار، إذ كان بصحبته اثنين من أصدقائه، والتقى خلال إقامته في الإمارات بالعديد المصريين الذين يواجهون نفس الظروف، مُشيرًا إلى أن  المنافسة مع جنسيات أخرى تزيد من صعوبة العثور على فرص عمل. ويضيف: من بين كل الجنسيات، تمنح الشركات المصريين أقل الرواتب.

◾ أحمد عبد الله الذي سافر إلى السعودية، واجه ظروفًا مشابهة. قدم بتأشيرة زيارة شخصية حصل عليها من مواطن سعودي مقابل 2000 ريال، واستغرق أكثر من 4 أشهر قبل أن يجد فرصة. وخلال تلك الفترة، عمل في وظائف شاقة وغير رسمية بأجور زهيدة، حتى تمكن من الحصول على وظيفته الحالية.

◾ المنافسة في سوق العمل الخليجي زادت خلال السنوات الاخيرة مع توجه هذه الدول نحو توطين الوظائف، مما يمنح الأولوية لمواطنيها. بالإضافة إلى التركيز على استقطاب العمالة ذات الكفاءة العالية من مختلف الجنسيات.

◾ ويلفت "أنس" إلى الشروط المجحفة التي تُفرض على المصريين، إذ تلقى عرضًا للسفر إلى السعودية براتب 2500 ريال، بشرط تسليم جواز سفره إلى الكفيل، والإمضاء على إيصال أمانة غير محدد القيمة "على بياض"، لضمان ألا يترك الوظيفة ويبحث عن أخرى براتب أعلى. 

◾ "كان ممكن أقبل بالراتب ده حتى لو شايفه قليل، لكن الشروط دي هتخليني عبد عندهم. متحرم عليا أدور على فرصة أحسن"، يقول أنس.

⭕ زيادة إقبال المصريين على السفر يُخفض الأجور 

◾ بالتزامن مع تزايد أعداد المصريين الباحثين عن فرص عمل في دول الخليج، ولا سيما في السعودية والإمارات، شهدت أجورهم تراجعًا ملموسًا. يقول أحمد علي أن الشركة التي يعمل بها في السعودية تستقبل أعدادًا كبيرة من المتقدمين لكل وظيفة تنشرها للمصريين.

◾ محمد رضا، البالغ من العمر 27 عامًا، يقول أنه أثناء التفاوض مع صاحب إحدى الشركات في السعودية حول زيادة العرض المالي مقابل وظيفة مصمم جرافيك إلى أكثر من 3 آلاف ريال، رفض صاحب الشركة قائلاً إنه نشر إعلانًا في مصر بنفس الراتب وتلقى عشرات الطلبات من المؤهلين للعمل.

◾ يضيف أحمد علي أن معظم أصحاب الأعمال في السعودية على دراية بالأزمة الاقتصادية في مصر ومعدلات الأجور المنخفضة في السوق المحلي، ما يدفعهم إلى استغلال هذه الأوضاع لتقديم أجور أقل للعمال المصريين مقارنة بما يتلقاه العاملون من جنسيات أخرى داخل السوق السعودي.

◾ويشير "علي"، إلى أن تراجع قيمة العملة يعد عاملًا رئيسيًا في انخفاض أجور المصريين في السعودية، موضحًا: “ قبل سنتين أو ثلاث، كان راتب قدره 5,000 ريال يعادل حوالي 21 ألف جنيه مصري. أما الآن، فإن أصحاب الأعمال يعتبرون أن راتب 2,000 ريال فقط، والذي يعادل حاليًا حوالي 26ألف جنيه، كافيًا ومغريًا للمصريين".

◾ لا تفرض السعودية والإمارات حدًا أدنى للأجور للعمالة الوافدة، وتترك الحرية للشركات وأصحاب الأعمال في تحديد الرواتب التي يرونها مناسبة. وعلى النقيض من ذلك، تضع حدًا أدنى للأجور لمواطنيها ضمن برامج تواطين الوظائف، ويصل في السعودية إلى 4000 ريال  وفي الإمارات لـ5000 درهم.

◾ ويوضح محمد سامي، بناءً على تجربته في الإمارات، أن بعض أصحاب الأعمال يستغلون العمالة المصرية التي لا تمتلك إقامة عمل رسمية، عبر تشغيلهم بأجور متدنية قد لا تتجاوز 1200 درهم شهريًا، مع وعود بمنحهم الإقامة وتقنين أوضاعهم.

◾ ويضيف أن العديد من هؤلاء العمال، تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع التكاليف، يضطرون إلى قبول هذه الشروط القاسية على أمل تحقيق الاستقرار والحصول على إقامة قانونية، لكن كثيرين منهم يتعرضون للاستغلال، حيث لا يتم الوفاء بالوعود، ويبقون في وضع غير مستقر ودون حقوق.

⭕  الحكومة تساهم في تخفيض أجور المصريين بالخارج

◾ خلال الشهور الأخيرة، عرضت وزارة العمل مجموعة من الوظائف للعمل بالخارج، منها وظائف في الإمارات من خلال مكتب التمثيل العمالي بأبو ظبي.

◾ جاءت هذه الوظائف بأجور منخفضة تبدأ من 1400 درهم شهريًا لمهن مثل حداد ونجار مسلح. طلبت الوزارة في الإعلان الأخير، يوم 21 نوفمبر الجاري، عدد 30 حداد مسلح و30 نجار مسلح، مع اشتراط أن يكون سن المتقدمين للعمل من 25 إلى 40 عام.

◾ وفي أبريل 2024، صرحت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، سها الجندي، بأن هناك اتجاهًا متزايدًا للتعاون مع الدول الأوروبية التي تعاني من فجوة ديموغرافية في عدد الشباب، مثل إيطاليا وهولندا وبلجيكا وإنجلترا. وأشارت إلى أن هذه الدول أبدت اهتمامًا باستيراد العمالة المصرية، خاصة الموسمية منها في مجالات الزراعة والمقاولات والتشييد.

◾ وأضافت الوزيرة أن الوزارة تعمل على إنشاء مركز مصري للهجرة لتدريب العمالة على المهارات المطلوبة دوليًا، بناءً على طلبات من دول مثل السعودية وأوروبا.

◾ تمثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للاقتصاد المصري. وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2024، ارتفعت التحويلات بنسبة 42.6%، لتسجل حوالي 20.8 مليار دولار، مقارنة بـ 14.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

وفي الاستراتيجية الرئيسية للحكومة، تستهدف زيادة تحويلات المصريين في الخارج بنسبة 10% سنويا لتصل إلى 53 مليار دولار بحلول 2030.

 #متصدقش

آخر التحقيقات